صدى كندا- كريمان البحيصي
في زمن العولمة وتقنيات الاتصال الحديثة، حيث يمكن للأصدقاء والأسر التواصل بسهولة عبر الحدود، تشكلت حكايات مأساة للمغتربين الفلسطينيين وخاصة اللذين ترجع أصولهم لقطاع غزة، في ظل انقطاع الإنترنت والاتصال بسبب تدابير الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد توقف الإنترنت وقطع وسائل الاتصال على نحو كامل في غزة، أصبح الاتصال بأهلهم وأصدقائهم مهمة شبه مستحيلة بالنسبة للمغتربين، بينما كانوا يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي والمكالمات الهاتفية للتواصل مع عائلاتهم في وقت سابق، اليوم يجدون أنفسهم في عزلة تامة، يعيشون في حالة من القلق المستمر والضغط النفسي.
هذه الظروف عايشها المغتربون في أكثر من مدينة ودولة حول العالم، ففي كندا “أوتاوا” حيث يُقيم أحمد عيد وزوجته، والذي وصف معايشة الحرب على غزة وهو بالخارج “بالموت البطيء”.
وقال عيد لـ(صدى كندا) “في الغربة أموت ألف موتة كل يوم من أيام التصعيد، صدقًا الألم في الغربة موت مُضاعف، خاصة أن كندا حجبت بشكل تام الأخبار من الظهور على منصتي الفيس بوك والإنستغرام”.
وأضاف “نتابع الأحداث على منصة الواتس أب من خلال الجروبات، وأتابع كل خبر وحرف وصورة وكل تعليق على منشور في منصات التواصل الاجتماعي ولا أترك مقطع فيديو إلا وأراه وهذه المشاهد بالطبع تؤثر عليَّ أكثر بكثير مما لو عشتها في غزة”.
هؤلاء الأرواح في الغربة يجدون أنفسهم محاصرين بين غمرة العدوان والمخاوف المستمرة وصعوبة التواصل مع أحبائهم في غزة، يعيشون يومًا بعد يوم في انتظار العودة المأمولة واستعادة الاتصال المفقود بينهم وبين أهلهم.
ولا يختلف كثيراً حاله عن حال الشاب محمود أبو دان والذي فقد التواصل مع والدته الكندية في قطاع غزة، وكان قد قال في اتصال سابق مع (صدى كندا): “ذهبت والدتي لغزة بعد وفاة والدتها وهي الآن عالقة هناك ولا وسيلة للتواصل معها ولمعرفة أخبارها”.
وقضى العديد من الكنديين من أصول فلسطينية ليلة أمس في حالة من الترقب، بعد انقطاع الاتصال الذي جعلهم ينتظرون ساعات الصباح الأولى في قطاع غزة لعلها تحمل معها أخبار ذويهم.
وفي اليوم الثاني والعشرون من العدوان الإسرائيلي على غزة، يقف يوسف محسن على النافذة ينظر إلى شوارع مدينة تركيا حيث تسود حالة من الهدوء، بينما هو يتفقد هاتفه على أمل استقبال عائلته الرسائل التي يرسلها لهم.
يوسف (30) عاماً، واحد من آلاف المغتربين من قطاع غزة، يقضي العديد منهم فترة الحرب وهم يحبسون الأنفاس، ويتساءلون عن حال عائلاتهم وأصدقائهم، “نحن نموت مرات مُضاعفة قلقاً وخوفاً حيث الأهل والبلاد وذكرياتنا كلها تحت مرمى الصواريخ” حسبما قال.
يعيش يوسف مشاعر الخوف على عائلته بعد غربته التي استمرت 5 سنوات، وأضاف لـ(صدى كندا)، “كل بالي بيكون مع الأهل، وأخاف أن يصيبهم مكروه وأنا لست معهم، والناس من حولي يعيشون حياتهم بشكل طبيعي وفي ظل كل هذه الأحداث أكون مرغم على مواصلة عملي وعيش مشاعري وحدي”.
ومن تركيا إلى مصر، قالت حميدة النجار، “في الأوقات العادية كنت أعتمد على الفيديو والمكالمات الصوتية مع العائلة، ولكن مع تصاعد التوترات والقصف الذي يدمر بنية الإنترنت في غزة، انقطع الاتصال تمامًا”.
وفي هذه الأحداث الصعبة، تروي النجار معاناتها لـ(صدى كندا)، “أنتظر بفارغ الصبر عودة الاتصال بعائلتي، نحن خرجنا من قطاع غزة لكن لم نستطع إخراج غزة من داخلنا، إننا نعيش نفس الألم والخوف، والمعاناة التي يعشها السكان هناك”.
وقد يظن البعض أن المغتربين كتب لهم النجاة من الحرب ومن المجازر التي ترتكب بحق أهالي غزة، ولكن حسبما أجزم الكثير منهم لم ينجوا من نوبات الخوف وكأن القصف يلاحقهم في العدوان الإسرائيلي المستمر، وراح ضحيته حوالي 7700 شهيداً وإصابة 18482 جريحاً، ومع كل خبر يراودهم شعور أنّه يخص ذويهم نتيجة صعوبة نقل تفاصيل الحدث وانقطاع التواصل مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.