
صدى كندا- توفي البابا فرانسيس، الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية، صباح يوم الاثنين في تمام الساعة 7:35 بالتوقيت المحلي عن عمر ناهز 88 عاماً، بحسب ما أعلنه الفاتيكان.
وتأتي وفاته بعد صراع طويل مع مشكلات صحية متكررة، شملت أمراضاً في الجهاز التنفسي، والأمعاء، والقلب، وكان قد أُدخل المستشفى أربع مرات منذ عام 2021.
وآخر تلك الزيارات كانت بين 14 فبراير و23 مارس من هذا العام، حينما عانى من التهاب رئوي مزدوج كاد يودي بحياته.
وجاءت وفاة البابا بعد 12 عاماً من انتخابه في 13 مارس 2013، حين فاجأ الكرادلة العالم بانتخاب خورخي ماريو بيرغوليو، اليسوعي الأرجنتيني، ليكون أول بابا من خارج أوروبا منذ أكثر من 1300 عام، وأول بابا من أمريكا اللاتينية على الإطلاق.
وقد ظهر أمام الجماهير من شرفة كاتدرائية القديس بطرس بكلمات بسيطة: “Buona sera” (مساء الخير)، واضعاً بذلك نغمة بابويته المتواضعة والموجهة للشعب.
ومنذ اللحظة الأولى، خالف البابا فرانسيس التقاليد: تخلى عن الملابس المزخرفة والأحذية الحمراء، واختار الإقامة في دار الضيافة المتواضعة “كازا سانتا مارتا” بدلاً من القصر الرسولي الفخم. قاد سيارة “فيات” بدلاً من المرسيدس، ورفض استخدام المقر الصيفي البابوي في كاستل غاندولفو.
إصلاحات جذرية ومواقف ثورية
عُرف البابا فرانسيس بموقفه الصارم ضد الفساد داخل الكنيسة، حيث قام بإصلاحات هيكلية في بنك الفاتيكان، وأطاح بأساقفة وكاردينالات متورطين في فضائح الاعتداء الجنسي، أو أولئك الذين وقفوا ضد أجندته الإصلاحية.
كما كان له موقف واضح من قضية المهاجرين واللاجئين، حيث دعا مراراً إلى التعاطف معهم، وذهب في أول زيارة خارجية له إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حيث دعا إلى “إنهاء اللامبالاة تجاه معاناتهم”.
وفي كندا، قدم اعتذاراً تاريخياً للسكان الأصليين على دور الكنيسة الكاثوليكية في نظام المدارس الداخلية، وشارك في طقوس مصالحة مؤثرة، أبرزها الصلاة في مقبرة جماعية في ماسكواكيس.
رسالة اقتصادية واجتماعية واضحة
لم يكن فرانسيس مجرد زعيم روحي؛ بل تحول إلى شخصية ذات تأثير سياسي عالمي.
وانتقد بشدة تجاوزات الرأسمالية، ووصف النظام الاقتصادي الحالي بأنه “اقتصاد يقتل”. دعا إلى بناء “كنيسة فقيرة للفقراء”، وعبر عن تضامنه مع المهمشين، والمهاجرين، والمحرومين.
ونصب تمثالاً ضخماً للمهاجرين في ساحة القديس بطرس، وأصبح من أبرز المدافعين عن قضايا البيئة وتغير المناخ في الساحة العالمية.
شخصية كاريزمية غير مسبوقة
وصفه الكاردينال الكندي مايكل تشيرني بأنه “شخصية كاثوليكية عالمية لم نشهد مثلها من قبل”، مشيراً إلى قدرته الفريدة على التواصل مع قضايا العصر.
أما النحات الكندي تيموثي شمولز، الذي صمم تمثال المهاجرين في ساحة الفاتيكان، فقال: “كان ذلك البابا المتشدد الذي نحتاجه، رجل يقاتل من أجل القضايا المتشددة”.
الرحيل والصدى
قبل وفاته بيوم واحد، التقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، في مؤشر أخير على استمراره في أداء مهامه حتى الرمق الأخير.
وبرحيله، تُطوى صفحة من التاريخ الكنسي المعاصر، عنوانها التواضع، والإصلاح، والانفتاح على العالم.
ومن المتوقع أن تبدأ قريباً التحضيرات لاجتماع مجمع الكرادلة لانتخاب البابا الجديد، وسط توقعات بتواصل الجدل بين التيارات التقليدية والإصلاحية حول مستقبل الكنيسة الكاثوليكية بعد فرانسيس.