لندن أونتاريو – أنس عسالة
في الوقت الذي وصلت فيه مستويات الهجرة بكندا إلى رقم قياسي، كشفت أحدث الإحصائيات عن تطور مفاجئ، فنصف المهاجرين الجدد باتوا غير مكترثين للحصول على الجنسية الكندية، بحسب معهد المواطنة الكندية.
ووفقًا للرئيس التنفيذي للمجموعة، دانيال بيرنهارد، قد تكون هذه علامة على أن حلم العيش في كندا لم يعد يتحقق للوافدين الجدد.
وأعرب برنهارد في بيان صحفي، عن قلقه إزاء تغير آراء الناس في كندا، مؤكداً أن هذه الأرقام تعتبر نداء تحذير للتعامل مع تجربة المهاجر الكندي الجديد.
وشارك زوجان عربيان تجربتهما كمهاجرين في كندا لـ “صدى كندا”، إبراهيم وزوجته، الحاصلان على شهادات عليا في بلدهما، قرروا الهجرة إلى كندا بحثًا عن الاستقرار، لكنهم واجهوا صعوبة في العثور على وظائف مناسبة لتخصصيهما بعد إقامتهما في إحدى مدن مقاطعة أونتاريو لمدة ثلاث سنوات معبرين عن خيبة أملهم وعدم الرضا عن الوضع الحالي.
وقال إبراهيم “عليَ العودة إلى نقطة الصفر لكي أحصل على عمل لابد أن نعود إلى مقاعد الدراسة ونعمل على اكتساب الخبرة ” الكندية””، ولأن ذلك يتطلب الكثير من الوقت، فعلى إبراهيم وزوجته العمل مع فئة العمّال، حتى يتمكنوا من تأمين مصروفاتهم الشهرية على حد قوله.
وتعتبر أونتاريو الوجهة الرائدة للمهاجرين، بين عامي 2016 و 2021، استقبلت المقاطعة 45 في المائة من جميع المقيمين الدائمين الجدد، واستقر معظمهم في وحول تورنتو ، أكبر مدينة في كندا.
في ذات السياق، قال عامر مشعل، والذي يعمل في تطوير مقاطع الفيديو والمحتوى الرقمي، إنه رغم نشأته في كندا وحصوله على عمل ضمن تخصصه، كان يفتقد الشعور بالطمأنينة والاستقرار، ودفعه شغفه لتغيير نمط حياته للعودة إلى الإمارات بحثًا عن فرصة عمل جديدة وحياة أفضل.
أما محمد والذي رفض ذكر اسمه بالكامل، متضرر من جائحة كورونا، فقد مشروعه الشخصي الذي استثمر فيه مبالغ ضخمة وتضاعفت خسائره المادية ما اضطر لبيع شركته ومنزله والبحث عن وظيفة أفضل في دولة أخرى بعد أن قضى في تلك التجربة تسع سنوات من حياته.
ووفقًا لاستطلاع وطني أجرته نشره معهد المواطنة الكندية (ICC) وأعلنت نتائجه بداية العام الحالي، فإن 30 % من المهاجرين الجدد الكنديين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عامًا، و 23% المهاجرين الجدد الحاصلين على شهادات جامعية، من المرجح أن ينتقلوا إلى بلد آخر خلال العامين القادمين.
ومن جهته، أكد نائب وزير الخدمات العامة والتجارية في كندا، شريف سبعاوي، أن الهجرة إلى ومن كندا تمثل جزءً طبيعيا من الواقع الحالي، ومستمرة بغض النظر عن الأسباب المختلفة وتطورها.
وأوضح سبعاوي أنه وفي تجربته الشخصية، لم يشهد أحدًا يغادر كندا إلا وعاد لاحقاً، حتى ولو بعد فترة من الزمن.
وأضاف أن المهاجرين العرب الجدد يشعرون بالقلق من التغيرات القانونية الجديدة، التي تفرض عليهم القبول بأمور يرونها مرفوضة، في المقابل، يعتبر المهاجرون السابقون الذين هاجروا قبل أكثر من 10 سنوات هذه الأمور جزءً طبيعيًا ولا يسببون لها أي قلق.
وأشار سبعاوي إلى أن الهجرة العكسية من كندا تختلف حسب ظروف الأفراد والعائلات، حيث يفضل البعض تكميل تعليم أبنائهم في بلادهم والعودة للعمل وتأسيس الأسرة في كندا، بينما يعتمد آخرون على عمل الأب في الخارج؛ نظرًا للوضع الوظيفي الجيد، وهناك من يعود إلى وطنه بمجرد انتهاء الأزمة التي دفعتهم للهجرة إلى كندا.
ويبقى للمهاجر خيار إحدى الدوامتين، إما أن يعمل جاهدًا للتأقلم مع الحياة الجديدة وتحويل الحلم إلى هدف، وإما رفض نظام الحياة الجديد رفضًا قاطعًا وعدم الاستيقاظ من الحلم حتى يحصل على الجنسية ومن ثم العودة إلى الوطن.