صدى كندا- مع بداية العام الجديد، وقبل بضع أيام من دخول العمليات العسكرية في غزة شهرها الرابع، لا يزال سكان القطاع ينشدون أن تضع الحرب أوزارها، بعد أن خلفت أزمة إنسانية كارثية لنحو 2.3 مليون مواطن، اضطر غالبيتهم إلى النزوح أكثر من مرة.
ويتحدث الناس في القطاع عن ضرورة إدخال المزيد من المساعدات بشكل عاجل، ودفع المزيد من الجهود لوقف الحرب في المقام الأول، بينما ينزحون مرارًا وتكرارًا هربًا من القتال الذي طال كل شيء.
وقالت السيدة الأربعينية روان عليوة بينما تتذكر أحوالها قبل أكتوبر الماضي: “لم نكن بهذا الشتات، الحرب مزقتنا”، إذ اضطرت لترك منزلها في الشمال نزوحًا إلى الجنوب حيث تقيم الآن في مخيم للاجئين يتبع وكالة الأونروا، وتحصل بالكاد على ما يكفي وجبتها اليومية الأساسية لها ولأطفالها.
دعت “عليوة” ومن معها في المخيم المكتظ عن آخره لضرورة أن “تتوقف القنابل، وأصوات الصواريخ، وطلقات النار”، مضيفة: “كفانا من هذا الوضع، الناس لم تعد تتحمل كل ما يجري”.
وسبق أن اعتبرت الأمم المتحدة أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة المدمّر من جراء الحرب “تخطّت الانهيار”، في حين تقول مؤسسات إغاثية إن “كمية المساعدات المقدمة لا تزال محدودة وتواجه عقبات لوجستية عدة”.
ولم يمض العام 2023، قبل أن تطلب الخارجية الفلسطينية، من هيئة الأمم المتحدة، بالإعلان رسمياً عن أن قطاع غزة يعاني “مجاعة تهدد مواطنيه بالموت”.
وقالت الناطقة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، تمارا الرفاعي، إن “الوضع الإنساني والصحي كارثي للغاية، ويتدهور يومًا تلو الآخر”، موضحة أن دخول 100 شاحنة من المساعدات إلى القطاع المُحاصر “لا تكفي بأي حال من الأحوال”، حيث يحتاج إلى ما يزيد عن 500 شاحنة يومياً، كما كان الحال قبل هجمات السابع من أكتوبر الماضي.
وأشارت إلى أنه وفقًا لتقارير تصنيف “آي بي سي” الخاص بمعدلات الجوع، فإن 4 من بين 5 عائلات في جنوب قطاع غزة قالوا إنهم أمضوا على الأقل يوم وليلة دون طعام، جراء الأزمة الراهنة.
ومنذ 21 أكتوبر الماضي، وحتى أواخر العام الماضي، دخلت 5119 شاحنة مساعدات إنسانية عبر معبر رفح البري إلى قطاع غزة، تحتوي على طعام وماء ومساعدات إغاثية ومستلزمات طبية وأدوية.
وحددت الناطقة باسم وكالة الأونروا، تفاصيل الوضع الإنساني في قطاع غزة بعد الحرب التي دخلت أسبوعها الثالث عشر دون بوادر حل في الأفق، قائلة:
الوضع الغذائي سيئ للغاية، حيث حذر برنامج الأغذية العالمي من الوضع الراهن، وما لمسناه أنه مع تكدس الناس في رفح وحولها، فهناك أكثر من مليون شخص باتوا في رفح والمناطق المجاورة أغلبهم ينامون في العراء حول مباني الأونروا، في هذا الشتاء القاسي.
ويدخل إلى قطاع غزة قرابة 100 شاحنة يومياً، لكن نصفها موزع بين أدوات المعيشة والأدوية والوقود، والنصف آخر عبارة عن منتجات غذائية، وبالتالي فإن 50 شاحنة يومياً إلى قطاع معزول تماما عن العالم به 2.2 مليون شخص غير كافية على الإطلاق: “هل تكفي 50 شاحنة لما يزيد على مليون شخص في المناطق الجنوبية؟ بالطبع لا”.
وفي ذات السياق، قالت الأمم المتحدة إن مصيرا مأساويا ينتظر سكان غزة، فالوضع الصحي ليس بعيدا عن الوضع الغذائي، فهو منهار أيضا لعدم وجود مستشفيات عاملة بشكل كامل خاصة في شمال القطاع، بجانب ثلث المراكز الصحية الأساسية فقط وهي التابعة لوكالة أونروا، ويزيد من صعوبة الأمر تعذر دخول المواد الطبية بشكل مستمر، ناهيك عن الأمراض المزمنة وخاصة مرضى السرطان الذين يحتاجون لعلاج كامل ومستمر في حين لم يعد ذلك ممكنًا الآن.
وهناك كارثة صحية وغذائية وإنسانية في كل مناطق غزة، وسيكون لها تبعات طويلة الأمد نكتشفها مع الزمن.
ويُذكر أن آخر إحصائية للعداون الإسرائيلي على غزة، خلفت 1838 مجزرة، و28978 شهيداً فلسطينياً منهم 21978 وصلوا المستشفيات، 9280 طفلاً، و6600 امرأة، و7000 مفقود، و56697 مصاباً، بالإضافة إلى 355000 مصاباً بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، وأكثر من مليون نازح في قطاع غزة.